الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

المُعَلَّقُونَ فِي الهَوَاءْ .. قصة "مش" قصيرة

على الرصيف المقابل للشركة التي يعمل بها ، وقف صاحبنا في انتظار " الميني باص " ليعود إلى بيته .. و في انتظاره وقف يدقق النظر في من حوله .. هم يشبهونه و هو يشبههم ، ليس فقط يشاركهم وحدة الزي ، و لا وحدة الشكل و الأصل ، بل وحدة الماضي و المستقبل ، هو و هم جميعهم .. أناس عاديون !

ركب صاحبنا " الميني باص " و أخذ يغرق في تأملاته التي تخفف عنه حدة الحر و التعب ، أخرج كتابا صغيرا من حقيبة يده و حاول القراءة و لكن التعب يغلبه .. فأعاد الكتاب إلى الحقيبة ، و عاد إلى تأملاته ..

غرق في بحر نوستالجيا لا أول له و لا أخر .. يتذكر يوم أن كافأته أمه لأول مرة لأنه "طلع الأول على مدرسته" ، و أول يوم ضربه والده لأنه يضيع ساعات أمام مباريات كرة اليد تاركا مذاكرته و مستقبله ..
 كم كان يحزن لأنه يضطر أن يخبأ الروايات تحت وسادته حين ينام ، ثم يدسها في حقيبة مدرسته قبل الذهاب للمدرسة حتى يخفيها عن أعين والديه .. لم يكن يحب أن يخفي عنهم شيئا و لكنهم عن قصد أو عن غفلة أجبروه أن يفعل ذلك ..

يتذكر كم تخيل نفسه كاتبا مشهورا يوقع كتبه بين ألآف المعجبين ، و كم تخيل نفسه لاعب كرة يد عالمي يحقق لمصر ميدلية أولمبية ، كم تخيل و كم تخيل .. و لكنه انتفض من بين كل تلك الذكريات و ردد معزيا نفسه "ياللا ، محاسب في شركة كمبيوتر شغلانة محترمة برضه"

كانت تأملاته قد خانته فأضاع المحطة التي ينزل فيها ، فنهض مسرعا ليلحق المحطة التالية فهو مجهد بما يكفي لن يقوى على المشي لبيته مسافة كبيرة .. وأثناء نزوله الى المحطة التالية تذكر كم كان يمشي من بيته إلى الجامعة غارقا في تأملاته في روايات يوسف السباعي و نجيب محفوظ .. "حقا الزمان يمشي فوق كل شيء" قالها و نزل ..

سار عائدا إلى بيته يحلم بالغداء و النوم ، و إذا به يجد رجلا في مثل عمره تقريبا يستوقفه مناديا له:
- عمر !!
فيتوقف عن السير متأملا في وجه المنادي لا يتبينه .. فيتتعتع في الكلام و لا يجد ما يقوله .. فيصمت ، يعود المنادي:
- ألا تتذكرني ؟؟ أنا أسامة .. أسامة عاصم !

أسامة ! .. لقد كان أحد أصدقاءه في أيام الثانوية و أول أيام الجامعة قبل ان تقل العلاقة تدريجيا و تختفي بعد التخرج .. يقول عمر لنفسه " ما لهذا الماضي .. يلاحقك اليوم بكل تفاصيله !! " ، ثم يبتسم و تتزاحم العبارات في رأسه و في ثواني يجمع شتات نفسه و يضع يده في يد صديقه مرحبا به ..
دعا الصديق القديم صاحبنا ليجلسا سويا و يتحدثا قليلا ، و رغم أن صاحبنا كان متعبا للغاية إلا أنه قبل الدعوة .. ثمة شيء غريب يدفعه إلى الماضي اليوم دفعا ..

 اتجها الصديقان إلى قهوة قريبة من مكان ذلك اللقاء القَدَري و جلسا متقابلين:
-"قل لي .. أين كتبك يا أستاذنا ؟" قالها الصديق القديم مداعبا مستعيدا ذكرياتهما سويا ، فاجأ السؤال صاحبنا الذي بدا مغتما و قال:
- لم يعد هناك كتب و لا أستاذنا .. أصبحت كما ترى موظف .. فقط موظف

فتسائل الصديق القديم بلهفة:
- كيف توقفت عن أن تكتب؟
- الحياة !! .. لقد درست و دخلت الجامعة ، ثم إلى الوظيفة من أجل أن أبني مستقبلي ، ثم تزوجت و الآن أنجبت.. فعلت كل ما كان يريده الآخرون .. ما كان يريده أبي و أمي و العائلة و أصدقائي و الجيران .. فعلت مثلما يفعل الآخرون !
- و لماذا تركت حلمك ؟
يضحك و مرارة الكلام تألمه و يقول:
- كنت إذا حدثتهم عما يطمحون لي و عما أطمح لنفسي يقولون "ما كل الناس بتعمل كده .. الواحد لازم ياخد الشهادة و بعدين الوظيفة و بعدين يفتح بيت .. الناس الطبيعيين كلهم كده" .. يصمت برهة ثم يخرج تنهيدة عميقة قائلا: تنازلت عن أحلامي و أشتريت وهما اسمه " الانسان العادي" !

فيبدي الصديق القديم الأسى مشاركا صديقه:
- صحيح قولك .. الانسان منّا يضيع وقتا طويلا من عمره و جهده في سبيل الوظيفة و الزوجة و الأبناء .. لكي يسير في طريقا رسمه له مسبقا مجتمعه .. و لكن ..
يقاطعه صاحبنا قائلا:

- بكل أسف .. إننا قد نبذل مجهودا مضاعفا لمجرد أن نصبح أناسا عاديين ! .. ماذا لو خرجنا خارج الطريق؟؟ .. قد نكتشف أننا في حاجة لعناء أقل لنصبح أناسا أعظم !!
 - و لكنك لا تعيش وحدك يا صديقي .. تذكر ذلك جيدا

يمتعض صاحبنا من كلمة صديقه الأخيرة و ينفعل قائلا:
- و تذكر جيدا أيضا أن تلك حياتك أنت وحدك ، و انت الذي تعيشها كلها وحدك ، لا يشاركك فيها أحد من بدايتها إلى نهايتها غيرك .. و تذكر جيدا أيضا أنك لا يمكن أن تكون غيرك ، فإما أن تكون نفسك أو لا تكون شيء ..

يهدأ قليلا و صديقه القديم يظل صامتا مقدر حالة الانفعال التي بها صديقه .. فيعود صاحبنا و يتسائل بمنطق سليم:
- ثم قل لي .. من هو ذاك الانسان العادي ؟؟ ما تلك صفاته ؟؟ هل هو حاد الذكاء أم متوسط أم غبي ؟ هل هو طويل أم قصير ؟ هل هو اجتماعي أم انطوائي أم بينهما ؟؟ .. قل لي من الذي فرض المفروض ؟ و جعل ذلك "العادي" معتادا ؟ و هذا "الطبيعي" طبعا ؟؟ .. أجبني !!

يحاول الصديق القديم أن يثني صاحبنا عن ثورته و لكن صاحبنا يكمل قائلا:
- أتعرف لماذا نحن مجتمع من الفاشلين ؟؟ لأننا جميعا معلقون في الهواء .. لم نصل إلى سماء أحلامنا و لم نهبط إلى أرض واقعنا .. إننا في أمس الحاجة إلى ثورة ..
ثم ينهض صاحبنا واقفا و تبدو عليه ملامح الاصرار و يقول:
- أنا سأبدأ من جديد سأعود إلى قلمي ..

بعد ان ودع صاحبنا صديقه القديم على وعد بتكرار اللقاءات ، عاد إلى بيته مفعما بالحماس ناسيا التعب الذي كان يعتريه ، يدخل من باب بيته إلى حجرته ممسكا قلما و ورقة ..
يحاول أن يبدأ .. لا فكرة في رأسه ! ، و إن وجدها لا يعرف كيف يكتب !، و ان حاول نسي كل المصطلحات التي يعبر بها !، لا شيء على الاطلاق فقد تاه بداخله هذا الكاتب الألمعي الموهوب ، تاه في زحمة الحسابات و الأرقام و مصروف البيت و الترقية و العلاوة و لبن الأطفال و و و و ..
تاه صاحبنا عن نفسه و بات من الصعب حتى أن يجدها .. فترك صاحبنا القلم و ضحك بحسرة ضحكة عصبية و ردد لنفسه: " إننا المعلقون في الهواء .. "


(( انتــــــهــى ))

الخميس، 20 يونيو 2013

الشجرة المُحرّمة .. قصة " مش " قصيرة

أحد لا يتصور أن في القرن الحادي و العشرين .. عصر الانترنت و الفضائيات أنه ما زالت هناك قرية تعيش في هذا الفقر و السكون ! ، انها القرية التي يعرف جميع أهلها بعضهم البعض ، و لا يزالون يتناقلون الأخبار من فم لفم ..
انها احد القرى الصغيرة التابعة شكليا فقط لمركز شربين التابعة لمحافظة الدقهلية ، تغرق تلك القرية في سكونها ، تشرق عليها الشمس و تغرب عشرات المرات دون أن يدب فيها أي جديد !
فلا هي يعنيها أي تغيير سياسي و لا اقتصادي تمر به البلاد ، فأهلها أبسط من ذلك كثيرا جدا ..

نزل الغريب قريتنا تلك بعد عناء في البحث و الوصول إليها ، و أول ما نزل سأل عن الدار التي يسكنها الدكتور عبد الرحيم ، بالطبع لم يفهم أحد من الدكتور عبد الرحيم أصلا !! ، إلي أن فطن أحد الفلاحين إلي مقصد الغريب فسأله بلهجة ريفية بريئة خالصة:
- قصدك عم عبـ رحيم ابن الحاج عوض اللي كان في مصر و رجع ؟؟
فاستدرك الغريب أنه أخطأ في وصفه الأول و قال كالمعتذر:
-أيوه .. قصدي هو .. فين داره ؟

فأشار الفلاح إلي أحد الغلمان الصغار أن يصحبه إلي المنزل المقصود
سار الغلام ناظرا إلي الغريب تارة باعجاب و تارة باندهاش و الغريب يلاطفه و يداعبه ، حتى فاجأ الغلام الغريب بسؤال لم يفهمه قائلا له:
- يا عم أنت جاي تزور "أرض الوَلِي" ؟؟
لم يفهم الغريب السؤال و حاول أن يستفهم من الصغير عن "أرض الولي" تلك و لكنه لم يفهم منه أكثر من أنها أرض مهجورة لم يقربها أحد مذ عقود طويلة إلا و اختفى ، و إن عاد يعود به لوسة !
لم يأخذ الغريب كلام الغلام على محمل الجد و لكنه لم يستطع منع نفسه من التفكير في تلك الأرض المهجورة !

أخيرا وصل الغريب إلى منزل الدكتور عبدالرحيم ، و هو دكتور في الفلسفة و مفكر كبير و هذا الغريب الذي حل بالقرية الهادئة هو أحد تلاميذه جاء ليزوره فاستقبله الدكتور بمنتهى الترحاب و بعد ان تبادلا التحية قال التلميذ:
- لماذا آنست العزلة هكذا يا دكتور ؟
- لقد أحسست بدنو الأجل ، و قد أتعبتني الحياة الصاخبة هناك فقررت أن انتهي هنا في هدوء
- أرجو أن لا تكون قد ضايقتك ردود أفعال الناس حول كتابك الأخير ، فأنت مفكر كبير و كثيرون يشهدون لك بذلك
- انا أفهم كيف يفكر الناس جيدا أنهم يسمعون ما يريدون أن يسمعوا ، و لو قلت لهم أن الشمس تشرق من مغربها و هم يرغبون في تصديق ذلك سيصدقوك بلا شك ..
- إذن لماذا لا تواصل ..
قاطعه الدكتور بنبرة حاسمة:
- إن المجتمع أصبح سيء ، إننا مجتمع بشع يتاجر بالناس أحياءا بصحتهم و أفكارهم ، و أمواتا بسمعتهم و أجسادهم .. و انا لا اطمع في أكثر أن أموت في هدوء ، في بساطة كالتي ولدت فيها ..

ثم خيم الصمت على المتحدثين و كأن كلام الدكتور قد قطع أي مجالا للنقاش ، ثم قطع التلميذ فجأه ذلك الصمت سائلا أستاذه عن "أرض الولي" التي حدثه عنها الغلام ، ضحك الدكتور و حكى له أنها اسطورة قديمة يوقن بها أهل البلد
فيسأل التلميذ:
-  و هل حقا ما يقال عنها ؟
- لقد قلت لك ، الناس يصدقون ما يحبون أن يصدقوا ! ، اننا نخلق الأساطير ثم نتشدد في الايمان بها ، ثم نتوارث الايمان بها جيلا بعد جيل حتى ننسى أننا من خلقناها ..
- و لكن لا أحد في القرية يعرف لها أصل ؟؟
- ان سألت أحد في القرية عن أصلها سينظر لك نظرة بلهاء كمن تسأله لماذا انفك تتوسط وجهك !!
أن تسأل عن أشياء آمن الناس بأنها مسلمات لا يجوز التحدث عنها لهي خطيئة كبرى في نظر العامة . انهم فقدوا بكارة عقولهم التي دفعت الغلام للسؤال حول تلك الأرض ، إن الذين يفكرون في أصول الأشياء هم كالأطفال يندهشون من أي شيء ..

- أوتظن أنهم خلقوا هذه الأسطورة لتصبح حاجزا من الخوف يمنعهم من أن يخطئوا ؟
فأومأ بالنفي قائلا:
- لا أظن ذلك إن الناس يفعلون دائما ما يريدون ، و خلف كل ظاهر يوجد باطن آخر يتستر وراءه ! .. فلا تصدقن من يدعي أنه مغصوب على الدنيا و أن مصيره ليس ملكه ، فكلنا لا نفعل إلا ما تدفعنا ذواتنا أن نفعل
- أنا حقا مندهش من احتفاظ الناس بأسطورة كتلك الأسطورة حتى تلك الأيام !
- لا تندهش .. فهناك أمور كثيرة لا يمكننا تفسيرها ، اننا نرث أفعالنا من أباءننا و أجدادنا من دون ان نسأل و نكرر ما فعلوا حتى ان يصير ذلك طبيعيا لا سؤال فيه ..
إن السؤال و حق الاندهاش في كثير من أمور حياتنا مع الوقت يصبح محرما تماما كشجرة آدم المحرمة ، لا يجوز لنا أن نلمسها و إلا ستنكشف حقيقتنا أمام أنفسنا ..

(( انتهى ))

الأربعاء، 24 أبريل 2013

بطن الحوت .. قصة "مش" قصيرة

صاحب سفينة الصيد تلك شيخ كبير ، هو مالك السفينة بل و يقولون عنه انه مالك البحر نفسه من شدة نشاطه و مهارته في الصيد. لما نال منه الزمان ، و بلغ من الكبر مبلغه .. وهن ، فقرر أن يمنح سفينة الصيد إلي أحد أبناءه الثلاثة ليكمل من وراءه الطريق و يرث ملك أبيه.

فجمع الشيخ أبناءه الثلاثة و وعدهم بأن يعطي السفينة لمن يستحقها ، و قد وضع لثلاثتهم اختبار من سينجح فيه سيفوز بالسفينة.
فقال الابن الأكبر معترضا:
- ولما لا تكون لي ؟! .. فأنا أكبر أخواتي
فرد الأب:
- المُلك لمن يصونه ، و لن يصونه إلا من يقدر عليه
- و أنا أصونه و أقدر عليه !
- إذن فلتخضع للأختبار مثل أخويك و الأفضل سينال ملك السفينة.

فرد الأبن الأصغر:
- و ما ذلك الأختبار ياأبت ؟
- حسنا .. ستمضون بالسفينة في البحر إلي تلك المنطقة النائية المجاورة للجزيرة المهجورة و لكل منكم شبكة ليصطاد بها أكبر قدر ممكن من ذلك السمك الصغير الساكن هناك ..
- إن الأمر بسيط !
قالها الأبن الأكبر بنبرة غرور.
فاستطرد الأب حديثه كأنه لم يسمع شيئا:
- و لكن .. يجب ان احذركم شيئين .. فأما الأول أن لا تلتفتوا لأي شيء آخر طوال تلك الرحلة .. هدفكم هو السمك الصغير فحسب. واما الثاني فإن منطقة الصيد مليئة بأسماك القرش فلتحترسوا ..
ولتنتبهوا فالبحر عاصف و الرحلة مليئة بالمخاطر.
ذهل الأبناء لما سمعوا كلام أبيهم ..و لكن لامفر .. فلا طريق آخر نحو الملك.

مضي الشبان الثلاثة إلي رحلتهم في عرض البحر ، ثم عادوا في اليوم التالي فاستقبلهم أبوهم و سألهم عن الرحلة:
فأجاب الأبن الأصغر:
- لقد لقينا اهوال كثيرة .. نحمد الله أننا مازلنا سالمين !
ثم قال الأوسط:
- كم من مرة كادت القروش تعصف بنا ، و كم من مرة كاد البحر ينقلب علينا

فقال الأب:
-إذن حدثوني عن الأختبار
فقال الأوسط:
- بمجرد ان مضينا في عرض البحر استكبر أخي الأكبر أن يخضع للاختبار ، فلم يصيد شيئا ..
ثم صمت قليلا و عاود قائلا:
- و بمجرد ان وصلنا هناك وجدنا في تلك المنطقة لآليء فبهرتنا .. و لكننا تذكرنا تحذيرك و لكن ..
- و لكن ماذا ؟؟

- لقد خدعنا أخونا الأكبر ، قال لنا خذوا من تلك اللآليء فستصبحان ثريين و لن تحتاجا إلي سفينة أبيكما في شيء
- و انت استجبت لخادعه أليس كذلك ؟
فأجهش بالبكاء:
- لقد ضعفت يا أبي ..

فألتفت الأب إلي ابنه الأصغر و قال:
- و أنت ؟
-  لقد بهرتني الأليء و لاشك ، ولكني حاولت أن أجاهد نفسي و أحفظ عهدك بي يا أبي
فابتسم الأب و وجّه حديثه لثلاثتهم:
- لقد صدق ظني .. كنت اعرف أن اكبركم سيستكبر ، و أن أوسطكم سيضعف ، و أن أصغركم سينجح.
فرد الأصغر مندهشا:
- و مادمت أنت أعلم بنا يا أبانا لما وضعتنا في رحلة مليئة بالمهلكات ؟!!
- ليعرف كل منكم مقدار نفسه .. فلو فعلت غير ذلك لأتهمت بالجور !
- ألست تحبنا يا أبي ؟
- و كيف لا يحب الأب اولاده ؟
- و كيف طاوعتك نفسك ان تلقي بأولادك علي حافة الموت ؟ كيف تلقي بنا في البحر في يوم عاصف في مكان مليء بالقروش ؟
- أسمع يا ولدي .. ما كنت لتعرف نفسك لو لا ما قابلت من شرور ، في المحن تشتد العزائم .. آلآمنا هي التي تجعلنا عظماء .. و انت لو لم تجابه الخطر في سبيل الملك فلن تشعر بقيمته.
- ألم تخشي علينا يا أبي ؟!
- بل إني لم ألقي بكم في البحر الهائج إلا خوفا عليكم !!
إننا نجهل الخير من الشر .. و ما تظنه انت شر بقصر بصيرتك قد يكون هو عين الخير .. و عندما أراد الله ليونس أن يلقي بنفسه في البحر سخر له بطن الحوت لا لتأكله بل لتنقذه ! .. فبطن الحوت أنقذت يونس من الغرق تماما مثلما فعلت سفينة نوح ..
يا بني لا قيمة لحياة سخية .. لا شيء أعظم من أن تكافح فتنتصر .

(( انتهي ))

الأربعاء، 10 أبريل 2013

فضيلة الشر

لو لم يكن مبارك فاسدا لما ثار المصريون علي عيشتهم السوداء .. و لو نجحت الثورة و وصل الثوار إلي الحكم لأنتهي الصراع السياسي في مصر ، ما كانت هناك حلقات النقاش المحتدم المثير التي تنبري فيها بين مؤيد و معارض في الجامعة و في الأتوبيس و في الشارع و علي المقهي لتثبت صحة موقفك.
فلماذا لا يصل إلي الحكم إلا الفاسدون ؟ و لأن السؤال فلسفيا جدليا فلن تجد له جوابا معقولا مقنعا .. فلا قيمة لسؤال مجهولة إجابته.

لكن السؤال الأهم الآن هو كيف كانت حياتنا ستكون لو لم يصل الفاسدون إلي السلطة ؟! ، لو كان مديرك في العمل و أستاذك في الجامعة يقدر عملك و عقلك ؟ ، لو كان لك العمل الذي تحب ؟ لو كان زواجك ممن أحببت بدون تلك التعقيدات المادية و الاجتماعية ؟ ، لو كانت الموصلات جيدة و مريحة ؟ ، لو كان الطقس معتدلا فلا هو حر "نار" و لا هو برد  "ثلج" ؟

كيف كانت الحياة ستكون لو كانت أمك لا تعيد علي مسامعك الكلام مائة مرة ؟ لو كانت لا توبخك أيما توبيخ علي كل صغيرة و كبيرة ؟ ، لو كان أباك يداه مبسوطاتان يعطيك من المال ما تشاء ؟ ، لو كان الناس جميعهم من ذوي الأخلاق الرفيعة ؟ لو كان الناس جميعهم يقرءون فيستفيدون بما قُرء ؟ لو كانت البشرية تتعلم من أخطاء الماضي فلا تكررها ؟ لو كان كلامي هذا يغير النفوس و الطبائع ؟!!

ثم كيف كانت الحياة ستكون لو كان عملك لا يحتاج إلي مجهود ؟ لو لم يكن طموحك فوق واقعك و فوق قدراتك أصلا ؟ لو اننا لا يقيدنا وقت و لا مكان و لا آخرين ؟ لو كان نيل المطالب بالتمني ؟
كيف كانت الحياة ستكون لو لم يكون هناك موت ؟!

لو لا المرض ما كان هناك طبيب ، لو لا النزاع ما كان هناك قاضي ، و لو لا المغفلون ما كان هناك فيلسوف ! .. لوان كل شيء يسير كما ينبغي لما كانت هناك فائدة من الحياة !!

إن كفاح الإنسان ضد الشر ، و سعيه المتصل إلي الأفضل لهو الذي يجعل للحياة هدفا .. بل إنه هو الحياة ذاتها ..
إن الانسان يكافح حتي الموت رغم أنه يدري أنه لن يري ثمرة كفاحه .. و لكنه يكافح علي أية حال ..
أن الانسان كفاحه الدائم هو الذي يحرك الحياة ، و " الحكاية " كلها في الحركة ، سر الحياة يكمن هنا ، في الحركة الدئوبة بلا انقطاع رغم ضعف الأمل و قلة الحيلة.

إن الشر وجوده هو الذي أوجد شيء أسمه الخير .. جعلنا نأمل و نتمني ، جعلنا نعيش
إن الشر يصبح حينئذ فضيلة ، إذا كان هو الذي يعطي حياتنا المعني

السبت، 9 مارس 2013

اللعبة .. قصة " مش " قصيرة



في تلك الحارة المكتظة ، التي ضاقت بساكنيها ، و التي أختلطت فيها الدخان المتصاعد من مدخنة ذلك الحاتي مع الدخان المتصاعد من " شكمان " السيارة المتهالكة مع الدخان المتصاعد من ذلك المقهي ..
حسنا المقهي .. ذلك المقهي الراقد في سكون علي " ناصية " تلك الحارة منذ عهد قديم ، ربما عمر ذلك المقهي من عمر تلك الحارة.

يدخل ذلك الشاب الأنيق المقهي ، و ربما تكون تلك المرة الأولي التي يدخل فيها ذلك المقهي أو يدخل أي مقهي عموما ! ، فهو من أبناء الحسب قل عنه ارستقراطيا أو برجوازيا إن شئت ، و لكنه ذو خلق دمث و تربية حسنة و عقل جدير بالاحترام علي أي حال
قلما نجد شابا لم تتلفه وفرة المال أو يصيبه بالغرور و الأنانية و التفاهة و سطحية التفكير .. و هذا الشاب من هؤلاء القلائل ..

يلقي الشاب نظرة عامة علي المقهي كما يلقي المقهي نظرة عامة علي ذلك الشاب ، فهو غريب ، و لا شك ففي مثل ذلك المقهي الوجوه معروفة ، و لكنهم لا يطيلون التمعن فيه فهو ليس مرشح للانتخابات سيقوم بتوزيع لحوم و خضروات عليهم و لا هو ضابط شرطة سيقوم بسحب أحدهم بدون إبداء أسباب و ربما بدون أسباب أصلا .. إذن فلا يهم من يكون

أما هو فأخذ يقلب النظر بين ذلك الرجل الذي يشكو من زوجته ، و بين هؤلاء الأصدقاء الذين يلعبون الطاولة  " علي المشاريب " ثم يلقي النظر هناك بين هؤلاء الشباب المجتمعون حول مبارة " البرسا و الريال " ، رائع .. هو مثلهم يحب كرة القدم و لكن ليس في تلك الحالة التي تساوي عنده بين برشلونة و ريال المدريد و فريق سكر الحوامدية ! .. حيث تتساوي عنده الآن كرة القدم و السياسة و العلم .. كله عبث !

إن ذلك الشاب ما قاده شيء إلي هنا غير العبث ..
ها هو يبدو قد وجد ضالته ، رجل عجوز يجلس وحيدا في نهاية المقهي لا يفعل شيء يبدو انه منتظر شيء ما ، شق الشاب صفوف الجالسين ليصل إلي العجوز و استأذنه في الجلوس ، فأومأ الرجل له بالموافقة ، فجلس و ألقي السلام .. ثم فصل بين المتجاورَين صمت عميق !

فقطع الشاب الصمت قائلا:
- أتنتظر شيء ما ؟
- أنتظرت كثيرا و لكن لم يأت شيء أبدا
- إذن ماذا ..
فيقاطع الرجل مستطردا
- حتي و إن أتي شيء .. فالأشياء عندما تأتي متأخرة تفقد لذتها ..
- إذن ما دمت لا تنتظر أحدا لماذا تجلس وحيدا هنا أيها الشيخ ؟
- .... ( ينظر الرجل أمامه و لا يجيب )
الشاب معتذرا:
- عفوا إن كنت تدخلت في شأنك و إن كنت قطعت عليك وحدتك و لكني شعرت انك تحتاج العون

فيتنهد الرجل طويلا ثم يقول:
- أنا أجلس هنا منذ زمن بعيد ، أراقب الأيام و انتظر النهاية
- أتتمني الموت ؟!!
- حتي الموت عندما نريده لا يأتي أبدا ، و يصبح انتظاره ثقيلا 
- لماذا لا تنظر إلي الغد ؟
- لا فرق بين أمس و اليوم و غدا إلا الفرق الزمني ! ، إننا نعتقد دائما أن غدا أفضل لأنه لم يأت بعد ..
فتتملك الدهشة ناصية الشاب و يتسأل في عجب:
- إذن لماذا تعيش الآن ؟
- كان الأفضل أن لا أُولد من الأصل

بمزيد من الدهشة يسأل الشاب:
- أنا لا أفهمك ..
- أنظر إلي ذلك النرد الذي يلعبون به هناك .. مهما يكن الوجه الذي سيبتسم لهم و كيف ما ستنتهي اللعبة .. فائز او مهزوم سيمضي كل منهم إلي بيته و يجئ غدا ليعاود اللعب
- في الواقع انا جئت أبحث عندك عن المعني ، و لكنك ضاعفت حيرتي !
- يا بني اللعبة تعزيك عن المعني و لكنها لا تفسره
- إذن لماذا لا تلعب معهم ؟
- لا معني عند من يلعب إلا إذا وجد من يشاهد ، و كذلك الدنيا هناك من يعيشون الحياة و هناك من يقفون علي مسافة بعيدة منها يحاولون فهمها .. فإذا أردت أن تفهم فليس عليك غيرالانتظار ..

(( انتهي ))

الأحد، 3 مارس 2013

عن الفلسفة المادية و الالحاد !

الفلسفة المادية هي تفسير أن كل الموجودات هي نتاج المادة ، فهي إنكارللروح و الغيبيات و تأويل كل الموجودات إلي مواد ، فالانسان آلة إذا تعطلت مات ! ، و الوعي ما هو إلا تغيرات فيزيوكيميائية ناشئة عن جهاز الانسان العصبي ، فلا هناك جوانب مجهولة فيه ، المادة وحدها قادرة علي تفسير كل الأشياء ..

إن تلك النظرية تقود بلا وعي إلي الإلحاد ، أو قل إن الملحدين أغلبهم تريحهم تلك النظرية ، تلك الفلسفة ، فهي تشير إلي أنه لا شيء بعد الموت إلا الفناء ، فلا ثواب و لا عقاب ، لا دافع أخلاقي أو اجتماعي ، لا دين و لا إله !
إن الاله - حسب تعبير أحدهم قاله لي - ما هو إلا وعاء نضع فيه نحن الموهومون - حسب تعبيره أيضا - كل الغيبيات التي نجهلها ، و لما استطاع العلم تفسير تلك الغيبيات أصبح الإله فكرة قديمة !
و هنا كان لزاما علي أن أجيبه ..

فرغم سذاجة الفرض بأن المادية تحكم كل شيء حولنا وسطحية الرأي الذي ينظر للأشياء بمظهرها بدون تعمق إلا أنني سأناقش الفكرة ، فبداية الفرض أن كل شيء تحكمه المادة لا يفسر لنا ما الفرق بين الكائن الحي و المادة غير الحية ؟؟ ، و يرد علي ذلك بأن الكائن الحي لديه جهاز عصبي يتحكم في انفعلاته و رغبته في الغذاء و النمو و الحركة و الاحساس و الرد لم يشير إلي أن الجهاز العصبي نفسه مادة ! فما الخاصية التي تميزه كي يعطي الكائن الحي صفات الحركة و الحس و الادراك و الوعي

و إذا تجاوزنا عن تلك المسألة بحجة ان هناك مواد أولية و مواد راقية مثلا فلا يمكننا التجاوز عن انفعلات الانسان ! ، فالفلسفة المادية تفسر لنا الاحساس علي أنه مجرد اشارات عصبية و هرمونات ، فالحب ما هو الا هرمونات جنسية و الخوف ما هو الا هرمون الادرينالين و هكذا ..
فهو هنا يغالط الحقيقة ، لأنه يعكس الترتيب ، أيهما يؤدي إلي الأخر ؟ أيؤدي إفراز الادرينالين الي الاحساس بالخوف ، ام يؤدي الاحساس بالخوف إلي إفراز الادرينالين  ؟

إن إفراز الهرمونات و ارسال الاشارات العصبية هي استجابة لرغبة الانسان ، فالانسان يريد و الجسم يستجيب لا العكس !
و إذا كان الأمر كما يقول أولئك الملحدون فليفسروا لنا لماذا يحتاج الانسان إلي العدل ، الحق ؟؟ ما هي الارادة ؟؟ فليفسروا لماذا يضحي الانسان ببيته الهاديء و راحة باله في نضال من أجل حرية لوطنه !
إذا كان الانسان هو هذه المادة فكيف يمكن لمادة ان تضحي بذاتها ؟؟ كيف يمكن لإنسان أن يقرر أن ينهي حياته في عملية استشهادية مثلا ؟؟ ، لابد أن هناك دافعا ، هناك ذاتا علوية تعلو علي الجسد تضحي به من أجل ما هو أسمي

 و لو ان كل ما في هذه الدنيا مادة قل لي فبما تتفاضل البشر ؟؟ لماذا ذلك الانسان طيب و ذلك خبيث ؟ لماذا هذا صالح و ذاك طالح ؟ لماذا ذاك جبان و ذلك شجاع ؟! كيف تتفاضل المادة علي بعضها البعض ما لم يكن هناك تفاضل للنفوس ، لتلك الذات الروحية التي تتباري في ميادين جهاد النفس و الأعمال الصالحة !

و أخيرا رددت علي ذلك الفيلسوف المادي الرائع سؤاله ، فعندما حدثني عن أن الغيبيات كشفها العلم فلا حاجة إلي الله الآن ، فسألته إن كان الأمر كذلك لمَ لمْ يصنع العلم إنسانا ؟؟ لمَ حتي لا يصنع ذبابة ؟؟ فالعلم الآن علي دراية كاملة تشريحيا بمكونات الذبابة ألا يمكنه تجميع المادة لصناعة ذبابة ؟
فأجابني العلم لم يصل إليها حتي الآن ، و لكن ما الذي يدريك أنه لن يصل إليها في المستقبل ؟!
فأجبته : أنت أنكرت الله لأنه غيب ، و آمنت بقدرة العلم مع انه غيب أيضا !!
فماطلني في الرد و أخذ يجادل و ينتقل من نقطة لأخري في حديثه و هنا أدركت أنه لا وجود للفلسفة المادية كمنهج و لكن يوجد من يؤمنون بها لأنهم لا يريدون تكليف من الله


*ملحوظة: إن المحادثة الواردة بالمقال حقيقية منذ قرابة عام من تاريخ نشرها ، و لكن لم تنشر في حينها لأسباب أخلاقية

السبت، 16 فبراير 2013

الزنزانة

مسكين الانسان في هذه الدنيا ، خُلق من الحيرة .. خُلق في كَبَد
إنه وصي علي الأرض ملك تصرفه و رغم ذلك هو لا يملك فيها قيراطا واحد ، هو الكائن الحر الذي يعيش سجينا لقيود عقله و مجتمعه و رغباته و طموحه ! ، الإنسان يعيش في أكبر " زنزانة " !

إن بداخل كل منّا زنزانة كبيرة اسمها " الأنا " ، أنا سعيد ، أنا شقي ، أنا أريد ، أنا مظلوم ، أنا .... ، ماذا يمثل الأخرون أمام الأنا ! ، من أراه أنا صالحا يكون سعيد الحظ و له الفردوس نزلا ، و من أراه أنا فاسدا فله جهنم و بئس المصير !
و لكن من أنا لأحكم ! .. و من أكون أنا ليخضع ذلك الكون لرغبات شخصي الضئيل ، أود لو ان تسير الدنيا كما تحلو لي ، كما رسمت الحياة تكون ! ، لو يسمع العالم الأحمق لصوتي العبقري لانصلح الكون .. كم أنا مغفل !

إن " الأنا " زنزانة شقاء الانسان ، تحبسه في جهله إن استكبر أن يعرف ، و في فقره إن استكبر أن يعمل ، و في تعصبه إن استكبر أن يخطيء ..
يظل الانسان طيلة عمره باحثا عن الحرية ،عن لحظة راحة البال ، و لكن لا يصل إليها أبدا ، فالحرية لا تكون أبدا بالتحرر من الزنزانة ذات أربعة حوائط و باب حديدي و قفل كبير و عسكري غليظ ، و انما تكون إذا تحرر الانسان من داخله ، تحرر من الحاجة و من الخوف و من التعصب و من الأنانية ، تحرر من الأنا !
فيوسف كان حرا عندما قال " السجن أحب إليّ مما يدعونني اليه " بينما زليخة زوجة الملك كانت في قيود شهوتها له !

أنا لست أهم شيء في هذا الكون ، أنا أصيب و أخطيء ، أنا أجهل .. أنا سأغير ما لا يعجبني في الكون فقط عندما أغير ما لا يعجبني بداخلي ..
لو خرج الانسان من قيده الداخلي أمكنه فقط أن يخرج من قيده الخارجي ، كم من ساخط علي قيود مجتمعه التي فوق رأسه و لكنه يتوقف عند حد الشجب و الرفض ، بل و النظر باعجاب لمن يخرج علي تلك القيود و لكنه لا يقوي علي أن يثور .. إنه  يصفق للثورة و لكن دون استعداد أن يموت شهيدا لها أبدا ! .. إننا لا نخشي طلقات رصاص العدو قدرما نخشي مدافع قيود المجتمع !
كم نتمني أشياء لولا .. " الناس هيقولوا عليا ايه ! "
إننا نعيش علي كيف الناس لنحاسب علي أعمالنا نحن .. و النتيجة أننا لا نلتمس السعادة لا في دنيانا و لا في آخرتنا ..

إننا في تلك الأيام السريعة المتعاقبة نحيا و فقط ، لا وقت للتفكير و لا وقت لتقف و تسأل نفسك " ماذا أريد ؟! "
الآن لست في حاجة إلي بلورة سحرية للإطلاع علي المستقبل ، يمكنني أن أخبرك عن أحداث الغد و بعد الغد و الاسبوع القادم ، بل و الشهر القادم ..
هي ذات الحياة و ذات الأحداث ..
الغريب اننا نعيش دراما تلك الأحداث كأننا نحياها لأول مرة .. ربما يكون ذلك بدافع الملل ! .. اننا ندفع الملل بمزيد من الملل !
و ليس أمام الانسان إلا ان ينتظر ، ينتظر وظيفة ، ينتظر زوجة ، ينتظر أي شيء ، المهم ان غدا سيحمل أملا يجعله أفضل ، غدا سأحيا حياة أفضل .. و لو لم يفكر الانسان هكذا لمات يئسا ، أو مات مللا !
المحنة هي ان تنتظر أي شيء ، ترتعد ان يأتيك أو يفوتك ، ان يتحقق أو أن يذهب أدراج الرياح
المحنة أن تنتظر ، و لكن المحنة الأكبر هي أن لا تنتظر أي شيء !!