إحدي ليالي أغسطس القاهرة الحارة .. بعد منتصف الليل .. يقضي الأصدقاء الستة ليلتهم الأخيرة معا بناءا علي طلبهم وذلك قبل تنفيذ حكم الاعدام فيهم ...
الأصدقاء جالسون في شكل مستدير كما أعتادوا أن يجلسوا .. الصمت يخيم عليهم و الكلام فقط بالأعين هكذا أعتادوا أن يتكلموا .. و لو سألتني عما يجمع بين هؤلاء الستة ليكونوا أصدقاء لأجبتك بالحيرة و الدهشة .. فمنهم الغني و منهم المعدم .. و منهم المتعلم و منهم الجاهل .. ومنهم الذكي و منهم التافه .. و رغم تلك المتناقضات الكفيلة الواحدة منها للتفريق بينهم الا أنه لابد أن هناك شيء أقوي قد جمع بينهم !
الأصدقاء الستة لا تستولي عليهم أي لحظة حزن و لا خوف من الحكم الصادر بشأنهم .. هم جالسون في هدوء و عدم اكتراث بأي شيء حولهم .. فقط تدور في أذهانهم تلك الذكريات المتناقضة التي جمعت بينهم
يتذكرون الفجر الذي كانوا يصلونه في جماعة .. و يتذكرون العربدة و الآثام التي اجتمعوا حولها .. يتذكرون ليالي جمعتهم علي روايات نجيب محفوظ و احسان عبد القدوس .. و يتذكرون ليالي جمعتهم في سب هذا و ذاك
الأصدقاء جالسون في شكل مستدير كما أعتادوا أن يجلسوا .. الصمت يخيم عليهم و الكلام فقط بالأعين هكذا أعتادوا أن يتكلموا .. و لو سألتني عما يجمع بين هؤلاء الستة ليكونوا أصدقاء لأجبتك بالحيرة و الدهشة .. فمنهم الغني و منهم المعدم .. و منهم المتعلم و منهم الجاهل .. ومنهم الذكي و منهم التافه .. و رغم تلك المتناقضات الكفيلة الواحدة منها للتفريق بينهم الا أنه لابد أن هناك شيء أقوي قد جمع بينهم !
الأصدقاء الستة لا تستولي عليهم أي لحظة حزن و لا خوف من الحكم الصادر بشأنهم .. هم جالسون في هدوء و عدم اكتراث بأي شيء حولهم .. فقط تدور في أذهانهم تلك الذكريات المتناقضة التي جمعت بينهم
يتذكرون الفجر الذي كانوا يصلونه في جماعة .. و يتذكرون العربدة و الآثام التي اجتمعوا حولها .. يتذكرون ليالي جمعتهم علي روايات نجيب محفوظ و احسان عبد القدوس .. و يتذكرون ليالي جمعتهم في سب هذا و ذاك
الأصدقاء الستة لم يكونوا يقيمون لأي شيء وزنا .. لا يحبون المال و لا الشهوة .. لا يشعرون بلذة في العمل و لا الراحة .. في النجاح و لا الفشل ! .. يبدو أن هناك شعور طغي علي كل هذا ! .. إنه شعور بالغربة !
و أسواء ألوان الغربة لا أن تكون غريبا عن وطنك و لا أن تكون غريبا عن أهلك .. و لكن أن تكون غريبا عن نفسك .. غريبا عن رائحتك و غريبا عن ملمس جلدك .. و غريبا حتي عن حياتك و واقعك .. كأنك تحيا حياة لشخص آخر
الأصدقاء الغرباء جمعتهم الغربة في أوطناهم .. والاحساس باللا انتماء .. ربما كان هذا الدافع الحقيقي لمكوثهم خلف القضبان هكذا ! .. فقد قرر الأصدقاء في لحظة بدون سابق تفكير أو تروي أن يؤدوا دور المجتمع في العدالة
فكانوا يهاجمون أصحاب المصانع المستبدين ينبهوا مساكنهم ليوزعوا ما نهبوا علي العمال المساكين ! .. كانوا يسرقون الموظف المرتشي ! .. كانوا يساعدون الطامحون في الخير ليحقق كل ذي طموح ما طمح اليه .. و يقفون في وجه الطامعون ليرد كل ذي طمع ما طمع فيه !
استمروا علي نهجهم لسنوات ! و الغموض يحيط بتلك الحوادث .. و الصحف تتكلم عن تلك العصابة ! .. لم يكونوا يبالون بما يقال عنهم خيرا أو شرا .. لا يلقون أسماعهم لمن وصفهم بالمجرمين و لا لمن وصفهم بالمرضي .. و عندما ألقي القبض عليهم لم يحالوا الهرب ولا حتي تبرير مواقفهم .. و قابلوا كل ما واجهوه من تهم بالصمت .. حتي رفضوا أن يكون لهم محام
و لكن المحكمة أنتدبت لهم محام في سن الثلاثين .. يفوقهم سنا ببضع سنوات ..
تلك الأفكار ظلت تدور في رأس هؤلاء طوال ساعات الليل في ليلتهم الأخيرة داخل محبسهم حتي بزخ النهار و هم يتذكرون حكم المحكمة و القاضي يردد " حكمت المحكمة علي المتهمين الستة بالاعدام لما أثاروه من رعب و فوضي في البلاد و لخطورتهم الشديدة علي المجتمع " و قد استقبلوا الحكم بضحكات مكتومة ....
و ظلت آخر كلمات تتردد في آذانهم هي نهاية المرافعة العصماء للمحامي و هو يقول : " لن أدافع عن جريمة .. و لا يمكن أن أطالب ببراءتهم .. و لكن يا سيادة الرئيس إذا كنت تريد تطبيق العدل فأين العدالة ؟ .. إن هؤلاء الغرباء الصامتين تاهوا عن أنفسهم في زحمة مجتمع مادي مشوش .. إن المجتمع الذي يهتم بالمظاهر و يهمل الانسان في مضمونه هو مجتمع مقلوب هش .. سينهار يوما علي من بداخله .. إن مجتمع يحكمه المادة و القوة و يُسمع فيه من يعلو صوته و لو بالباطل هو مجتمع ظالم و ضعيف .. إن المجتمع الذي تُسفًّه فيه الفكرة و يُدفن فيه العقل هو مجتمع مخيف .. هو مجتمع مجنون ... !!"
و أسواء ألوان الغربة لا أن تكون غريبا عن وطنك و لا أن تكون غريبا عن أهلك .. و لكن أن تكون غريبا عن نفسك .. غريبا عن رائحتك و غريبا عن ملمس جلدك .. و غريبا حتي عن حياتك و واقعك .. كأنك تحيا حياة لشخص آخر
الأصدقاء الغرباء جمعتهم الغربة في أوطناهم .. والاحساس باللا انتماء .. ربما كان هذا الدافع الحقيقي لمكوثهم خلف القضبان هكذا ! .. فقد قرر الأصدقاء في لحظة بدون سابق تفكير أو تروي أن يؤدوا دور المجتمع في العدالة
فكانوا يهاجمون أصحاب المصانع المستبدين ينبهوا مساكنهم ليوزعوا ما نهبوا علي العمال المساكين ! .. كانوا يسرقون الموظف المرتشي ! .. كانوا يساعدون الطامحون في الخير ليحقق كل ذي طموح ما طمح اليه .. و يقفون في وجه الطامعون ليرد كل ذي طمع ما طمع فيه !
استمروا علي نهجهم لسنوات ! و الغموض يحيط بتلك الحوادث .. و الصحف تتكلم عن تلك العصابة ! .. لم يكونوا يبالون بما يقال عنهم خيرا أو شرا .. لا يلقون أسماعهم لمن وصفهم بالمجرمين و لا لمن وصفهم بالمرضي .. و عندما ألقي القبض عليهم لم يحالوا الهرب ولا حتي تبرير مواقفهم .. و قابلوا كل ما واجهوه من تهم بالصمت .. حتي رفضوا أن يكون لهم محام
و لكن المحكمة أنتدبت لهم محام في سن الثلاثين .. يفوقهم سنا ببضع سنوات ..
تلك الأفكار ظلت تدور في رأس هؤلاء طوال ساعات الليل في ليلتهم الأخيرة داخل محبسهم حتي بزخ النهار و هم يتذكرون حكم المحكمة و القاضي يردد " حكمت المحكمة علي المتهمين الستة بالاعدام لما أثاروه من رعب و فوضي في البلاد و لخطورتهم الشديدة علي المجتمع " و قد استقبلوا الحكم بضحكات مكتومة ....
و ظلت آخر كلمات تتردد في آذانهم هي نهاية المرافعة العصماء للمحامي و هو يقول : " لن أدافع عن جريمة .. و لا يمكن أن أطالب ببراءتهم .. و لكن يا سيادة الرئيس إذا كنت تريد تطبيق العدل فأين العدالة ؟ .. إن هؤلاء الغرباء الصامتين تاهوا عن أنفسهم في زحمة مجتمع مادي مشوش .. إن المجتمع الذي يهتم بالمظاهر و يهمل الانسان في مضمونه هو مجتمع مقلوب هش .. سينهار يوما علي من بداخله .. إن مجتمع يحكمه المادة و القوة و يُسمع فيه من يعلو صوته و لو بالباطل هو مجتمع ظالم و ضعيف .. إن المجتمع الذي تُسفًّه فيه الفكرة و يُدفن فيه العقل هو مجتمع مخيف .. هو مجتمع مجنون ... !!"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق