الاثنين، 1 أكتوبر 2012

الآن النهاية .. قصة "مش" قصيرة

العبرات تتساقط من عين الفتي الصغير وداعا لأمه التي لا يعرف لماذا ذهبت و تركته مع أبيه وحيدين ! ..
الأب يكفف دموع ولده و يواسيه بنبرة حانية:
- هون عليك يا صغيري .. إن والدتك اليوم في مكان أفضل
- أوا تحت الثري أفضل من فوقها يا أبي ؟!!
- حقا .. إن جسدها الآن تحت الثري ، و لكن روحها الآن بين يدي خالقها ..
- أنا لا أفهم كثيرا ما تقول يا أبت و لكني أفهم جيدا أنني لن أرى أمي بعد اليوم ..

ثم عاود البكاء ، تأثر الأب لدموع ولده و لم يتمالك نفسه و قد أغرورقت عيناه بالدمع فتجلد ثم حاول التخفيف من آلم الصغير قائلا:

- اسمع .. عندما توفيت أمي ظننت أن العالم لن يبتسم لي بعد يومي ذلك .. تمنيت لو شاركتها لحدها ! ..  و لكن يا بني الدنيا تستمر لم أنسي أمي و لن ننسى أمك و لكن لابد أن نعيش و لابد أن يظلوا أجمل ذكرى في قلوبنا ..
يسمع الابن أباه حتي فرغ من حديثه ثم قال:
- عجبا لتلك الحياة نعيش فيها و كأننا نملكها فإذا متنا لا نساوي فيها أكثر من أجرة حانوتي يتولى دفنك ، و عدة أمتارمن قماش أبيض يسمونه كفنا ، و حفنة تراب و وجبة شهية لدود الأرض ، و عند الحكومة ورقة عليها دمغة تثبت أني ميت ، و عند الأقارب و الأصدقاء مجموعة ذكريات و مواعظ تندثر يوما تلو الأخر حتي تختفي ...

" يا لهذا الفتي الذكي .. " قالها الأب كالمتحدث لنفسه ثم ألتفت إلي ولده و قال

- تلك سنة الحياة ، إننا نشيع موتانا بالدعاء راجين لهم المغفرة ثم نمني أنفسنا بحسن الخاتمة ، حتي يشيعنا من يرجو لنا ما كنا نرجوه لمن سبقونا ثم يمنون أنفسهم بعين ما كنا نمني به أنفسنا !
- وما الحكمة من الحياة إذا ؟!!

يا لسخف الصغار .. يسئلون ببراءة أسئلة عجز أعتي الفلاسفة الجواب عنها !

- أسمع يا بني .. ألست مؤمنا بالله ؟؟
- بكل تأكيد فلا يمكن تصور كون بدونه ، فلا مصنوع بلا صانع .. و لا يمكن أن يوجد مصنوع بتلك الدقة عشوائيا !
- كم أحترم عقلك يا ولدي .. إذن فأسمع
إن للسماء أسرار ، و إن السماء لا تبوح بأسرارها لأهل الأرض إلا فيما ندر يا صديقي الصغير ، و لو فعلت غير ذلك لأنهت اللعبة قبل ميقاتها المعلوم !!
- حسنا فهمت يا أبي ..
- الحمدالله .. و الآن قل لي أتدري متي تنتهي علاقة الإنسان بالحياة ؟؟
- عندما يموت !
- بل عندما يفهم أن في الحياة حكمة لا يدركها .. فكم من حي في القبور لأنه فهم و كم من ميت علي ظهر الحياة لم يعي شيئا !
- فهمت يا أبي فهمت .. إذا الآن النهاية ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق