الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

ورقة نتيجة !

الأيام .. الشهور .. الأعوام هي ليست حروف متراصة تصنع كلمة .. و لا هي دقائق متلاحمة تصنع حدثا سرمديا لا مبلغ لنهايته ولا بدايته
الزمان ليس هو الساعة التي في يدك .. ليس موعد الذهاب إلي العمل ، و التاريخ ليس مجرد قصص مسلية ، و ليس مجرد نتيجة حائط نزيل أوراقها كل يوم !

الزمان هو مادتنا .. هو حياتك .. ، ميلادك زمان ، و موتك زمان ، نجاحك زمان ، و فشلك زمان

لو أن عقارب الساعة تدور هباءا لما بلي أحد بدورانها ولما إنزعج أحد إن توقفت ، وانما في دورانها دوران لحركة الكون .. إن في دورانها عزاء للمنتظر .. و نفاذ للقضاء .. و حياة لنفوس و موت لآخري

إن قيمة الساعات هي ما يمنحه الانسان لها ، فاليوم الذي لا يمحي من ذاكرتي قد لا يكون ذا شأن عند غيري ، و اليوم الذي سأموت فيه سيكون يوم ميلاد غيري من دون شك .. الحياة مستمرة و الزمان لا يضحك و لا يبكي ...

الإنسان مادته الزمان ، بمعني أوضح الانسان في كل لحظة مصنوع من الآن ، فلا يمكن أن يطلب إجازة ليذهب في زيارة خاطفة الي الماضي أو التطلع الي المستقبل .. فلا قص و لا تبديل و لا إعادة ، و لا يمكن أن نجري الي الامام أو نعود الي الخلف و لا حتي أن نوقفه دقيقة ، الزمان سيل جارف لا حيلة لنا فيه ، هو لا يسمع و لا يري و لا يفهم ، و لا ينضب و لا يغضب و لا يرضي ...

و بالتالي الحاضر و الماضي و المستقبل في الحقيقة شيء واحد هو الآن ،  و الماضي هو وقت اقتطعته من الحاضر لترجع فيه لأيام سابقة ، و المستقبل هو وقت إقتطعته من الحاضر لتفكر فيه في أيام قادمة .. فما الماضي و المستقبل الا ظلال مرسومة علي ورقة إفتراضية ، و العاقل هو من ينظر الي ماضيه كثيرا كي يتعلم و الي مستقبله قليلا كي لا يسأم ، و الي نهايته دوما


أما التاريخ ليس مجرد أرقاما و قصص مسلية ، و لو كان كذلك ما كانت قيمته لتساوي أكثر من ثمن ورقة علي نتيجة الحائط ، و انما التاريخ هو العبرة و الحكمة ، هو أن نتعلم ممن سبقونا لنعلّم من سيلحقون بنا ، هو أن نعي الحكمة من وجودنا ، هو أن لا نعيش في قلب الحياة و انما نعيش علي مسافة منها فننظر و نفكر و نفهم ، في أن نتذكر من ماتوا و هم في ذروة تمتعهم بالحياة ، و نتذكر من عاشوا و هم موتي علي ظهر الحياة


حسنا .. إن الله هو الدهر .. هل تعلمون معني ذلك ؟

معني ذلك إن الله - الوجود الوحيد - قد خلق الانسان من لا شيء .. خلق اللا شيء من اللا شيء عدم في عدم .. الانسان يولد من نطفة و بويضة ، يولد من اللاشيء ، ثم ينتهي و يتحول الي تراب ، الي لا شيء .. و كان لابد لهذا اللاشيء العدمي من وجود فأقتبس الله عز و جل منه وجودا .. مادة تملأ هذا الفراغ ...

فالزمان كل دقيقة فيه تشير الي وجود الله .. تشير الي النهاية المحتومة .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق